إعلانات

ضع ماتريد هنا


المفهوم الثاني: العنف مجزوءة III: السياسة حصري على أحلى باك




مجزوءة III: السياسة

المفهوم الثاني: العنف
 
* تقديم مفهوم العنف
يُعَدُّ الإنسان كائنا فاعلا إلى جانب أمثاله منالفاعلين في عالم يتميز بوفرة الشروط المتحكمة في كل إمكانات الفعل وبتعدد المصادرالدافعة إليه، سواء من جهة الوجود الجماعي للإنسان الذي يُوجب التفاعل أو من جهةالوجود الطبيعي المتفاوت في موارده ومُعطياته بشكل يستدعي النزاع والصراع. ولهذافإن الفاعلية الإنسانية مُوَلِّدة ومُنتجة لـ"العنف" الذي يتغلغل فيالحياة الإنسانية بِكُلِّ جوانبها ومستوياتها والذي يتشكل حسب مختلف ظروف الحياةالإنسانية على نحو يجعله ظاهرة معقدة تُفْلِتُ من كل تحديد. وهكذا، فإنه بنفسالقدر الذي يُشَكِّل "العنف" أحد مظاهر الفعل الإنساني، فإنه يفرض نفسهكأحد التحديات الكبرى التي تُواجه وجود الإنسان في هذا العالم.
* الوضعية-المشكلة
مارس الإنسان "العنف" عبر التاريخ بأشكالمتنوعة وبأقدار مختلفة، بحيث يبدو "العنف" مُلازِما للوجود البشري. فهليُعَدُّ "العنف" أحد الثوابت التي تُميِّز الطبيعة الإنسانية؟ ما هيأشكاله الأساسية وما أهميتها؟ ما علاقة "العنف" بالتاريخ الإنساني؟ هلهو أحد العوامل المُساهِمة في صنع التاريخ وتحقيق التوازن الاجتماعي أم أنه ليسسوى ظاهرة على هامش الأحداث التاريخية؟ كيف نُفسِّر استمرار "العنف" رغمتطور "المجتمع المدني" وقيام "الدولة"؟ هل يُعَدُّ كل عنف،بالتحديد، فعلا غير مشروع أم أن هناكـ أنواعا من "العنف" تحظى بمشروعيةاجتماعية أو قانونية؟
1- أشكال العنف
* تحديد الإطار الإشكالي: ما هي طبيعة "العنف"؟وما هي أنواعه وأشكاله؟ هل "العنف" واحد أم متعدد؟ وهل هو مرتبط بطبيعةالإنسان أم أنه لا يرتبط بالإنسان إلا في المدى الذي يُعَدُّ كائنا محددا بشروطاجتماعية وتاريخية؟
* مفاصل المعالجة
يرى "إيـﭪ ميشو" (1942-؟ [YvesMichaud]) أنه « يكون هناكـ عنفٌ إذا قام، في وضع تفاعلي معين،واحد أو مجموعة من الفاعلين بالتصرف بشكل مباشر أو غير مباشر، مرة واحدة أو بتدرج،على نحو يُلحِق الضرر بواحد أو أكثر من الأشخاص الآخرين بدرجات متغيرة، سواء علىالمستوى المادي أو على المستوى المعنوي، وسواء أتعلق الأمر بالممتلكات المادية أمبالخيرات الرمزية والثقافية». وكونُ "العنف" يتحدد بهذه الصورة يجعلهيتخذ أشكالا متعددة وأحجاما مختلفة عبر المجتمعات والعصور. فالمجتمعات الإنسانيةعرفت ولا تزال قيام أنواع متعددة من "العنف" تتراوح بين ما هو أكثرفظاعة وضرواة (كما في القتل خلال الحرب أو الإعدام أو التعذيب) وما هو أشد خفاء(سوء التغذية). كما أن العنف في ارتباطه بالمجتمع الإنساني يخضع لا فقط لمستوياتالتطور الاجتماعي والاقتصادي وإنما يخضع أيضا لدرجات التقدم العلمي والتقنيوللوسائل والآليات المترتبة عنه. وهكذا، فالعنف يزداد اتساعا وتعقدا تبعا لمختلفالتطورات التي تشهدها المجتمعات الإنسانية. وتُعَدُّ الفترةُ المعاصرة إحدى أشدالفترات عنفا في التاريخ البشري، وذلكـ على كل المستويات التي صارت تتجاوز الواقعلتـشمل كذلكـ الصور الخيالية والافتراضية.  
ومن ثم فإن "العنف" يتحدد كظاهرة اجتماعيةوتاريخية مسيطرة على الحياة الإنسانية، الأمر الذي يجعل "الإنسان ذئباللإنسان" كما يقول "هوبز" وكما يؤكد ذلكـ "سيغموند فرويد"(1856-1939 [Sigmund Freud]) الذي يرى أن النزوع إلى العدوان طبيعيٌّ في النفس الإنسانيةوأنه يُشكِّلُ العامل الرئيسي في علاقات الناس بعضهم مع بعض، حيث إن الأهواءالغريزية أقوى من الاهتمامات العقلية في واقع الحياة البشرية. ومن هنا فإن الحضارةتبذل كل ما في وسعها للحد من العدوانية الإنسانية سواء بتطوير مناهج تَحُثُّ الناسعلى إقامة علاقات تقارب ومودة بينهم أو بتقييد الحياة الجنسية. غير أن التدخلالقانوني والأخلاقي للمجتمع بدلا من أن يُؤدي إلى تقليص العدوانية في المجتمع فإنهيعمل، بما هو عملية قمع للنزوع الطبيعي، على تكريسها وزيادتها بشكل يجعلها تتخذتجليات أكثر حذرا وأشد خفاء. 
لكن "إيريكـ فروم" (1900-1980 [ErichFromm]) يُلاحظ أنه إذا كانت دراسة بعضالظواهر الاجتماعية (الحياة الجنسية، الطقوس) قد تُوحِي بأن النزعة التدميريةمتجذرةٌ في طبيعة الإنسان، فإن التحليل المتعمق لهذه الظواهر يكشف عن أن العدوانوالتدمير ليس مَيْلًا فطريا، وإنما هو حصيلةُ دوافع ونزوعات وثيقة الصلة بشروطموضوعية تتمثل في الحروب والنزاعات والتفاوتات الاقتصادية وضغوط الحياة الاجتماعيةوإكراهاتها، فـ« ليست الطبيعة البشرية نفسها هي التي تدفع فجأة إلى القيام بتلكـالممارسات، بل هناكـ طاقة تدميرية كامنة تُغَذِّيها الظروفُ الخارجية والأحداث المُفاجِئةفتدفعها إلى الظهور».
ومن جهة أخرى، يذهب "ﭙـيير بورديو" (1930-2002[Pierre Bourdieu]) إلى أن أنماط السيطرة الاجتماعية والثقافية من حيث إنها قائمةعلى أُسُسٍ تُعتبر، من الناحية الاجتماعية، اعتباطيةً (arbitraire)، فإنها ترتبط بممارسة نوع منالعنف "الرفيق" أو "اللطيف" (uneviolence douce) هو"العنف الرمزي" (la violence symbolique) الذي هو كل عنف يتلقاه الفاعلالاجتماعي بالقبول أو التجاهل كما لو كان طبيعيا أو بديهيا بفعل نَوْعٍ من التواطؤالوجودي الذي يجعل البنيات الذهنية/الذاتية تتوافق مع البنيات المادية/الموضوعيةللعالَم الاجتماعي. فكونُنَا نُولَدُ ونُنَشَّأُ في مجالٍ اجتماعيٍّ أمرٌ يجعلُنانتقبل عددًا من الأشياء التي تفرض نفسها علينا بتلقائية وسهولة من دون أن تحتاجإلى عمل إضافي للترسيخ، مما يُشكِّلُ أساسَ السيطرةِ التي يخضع لها الفاعلونالاجتماعيون، ليس كما لو كانت حتمياتٍ تنزل من أعلى بِثِقَلها الإكراهي المُحدِّدلإراداتهم، وإنما كنسق من التفاعلات والتوازنات بين المُحدِّدات الحتمية الموضوعيةوكيفيات إدراكها بواسطة البنيات الذاتية، مما يجعل الفاعلين يُسْهِمُون في إنتاجما يُمارَسُ عليهم من آثار السيطرة ضمن مجالهم الخاص. ومن هنا فإن العنف الرمزييرتبط بالنظام العادي للأشياء في الواقع الاجتماعي، الأمر الذي يجعله أشدَّ أنواعالإقناع السِّرِّي التي تُمارَس على الفاعلين الاجتماعيين بتواطؤٍ منهم بفعلانغماسهم الطبيعي في المجتمع.        
* تركيب واستنتاج
يتعلق "العنف" بفاعلية الإنسان في ارتباطهابشروط الواقع الاجتماعي القائم على التفاوت والصراع، مما يجعل "العنف" مُلازِماللوجود الإنساني في خضوعه لعددٍ من الإكراهات الضرورية التي تتحكم في إمكاناتالقوة لدى الناس كأعضاء في مجتمع والتي تُوَجِّهُها، من ثم، في سياق تفاعليوتنازعي على نحو يؤدي إلى بُروز أشكال من "العنف" تتخلل التاريخوالاجتماع الإنسانيين.
2- العنف في التاريخ
* تحديد الإطار الإشكالي: كيف يتجلىالعنف عبر التاريخ الإنساني؟ هل هو أحد أسباب الصيرورة التاريخية أم أنه ليس سوىإفراز محدود على هامش حركة التاريخ الإنساني؟
* مفاصل المعالجة
يعتبر "توماس هوبز" أن الطبيعة الإنسانية تقومعلى ثلاثة انفعالات تمثل الأسبابَ الحقيقية لكل نزاع في الحياة والتاريخالإنسانيين: يتعلق الأمر بـ"التنافس"، "الحذر" و"الكبرياء"؛ فـ"التنافس" يجعل الناس يتخذون الهجوم طريقا لبلوغ مصالحهم،و"الحذر" هو الوسيلة لضمان أمنهم، في حين أن "الكبرياء" تؤديإلى حفظ السمعة. وكل هذه الانفعالات ترتبط باللجوء إلى العنف إما للسيطرة علىممتلكات الآخرين وإما للدفاع عن النفس والممتلكات. ومن حيث إن هناكـ دائما احتمالَالتعرض للهجوم والعنف من طرف الآخر، فإن الناس يعيشون دائما (حتى في حالة السلموالأمن) أجواء الحرب من خلال الاستعداد لها وتوقعها باستمرار. وهكذا نُدرِكـ أهميةالحرب في التاريخ الإنساني من جهة ارتباطها بالطبيعة البشرية في قيامها على النزاعوالقوة. 
وتقوم الفلسفة الماركسية (مع ماركس وإنغلز) على أنالصراع يُشكِّل المُحرِّكـ الأساسي في التاريخ الإنساني، ذلكـ بأن الوجودالاجتماعي قائم على التفاوت بين الذين يملكون وسائل الإنتاج والذين لا يملكون سوىقوة عملهم، وهو التفاوت الذي يؤدي إلى انقسام المجتمع إلى طبقات متضادة ومتصارعة،حيث إن تاريخ الإنتاج يتجلى كسلسلة من التناقضات المادية والاجتماعية التي ترتبطبصراعات طبقية (بين الأحرار والعبيد في الطور العبودي، بين السادة والأقنان فيالطور الإقطاعي، بين مالكي وسائل الإنتاج والعمال الكادحين في الطور الرأسمالي)تقوم بين المسيطرين والمضطهدين على شكل حروب تنتهي إما إلى تغيير جذري للمجتمعوإما إلى تحطيم الطبقتين كلتيهما. ومن هنا فإن الجدل التاريخي يلعب فيه الصراعدورا رئيسيا، حيث إن الانتقال من طور إلى آخر لا يتأتى إلا باحتدام الصراع بينالطبقات المتصارعة على نحو يُمَكِّن من إحداث التغيير الضروري في البنياتالاقتصادية والاجتماعية.    
ويذهب "روني جيرار" (1923-؟ [RenéGérard]) إلى أن المجتمعات الإنسانيةقائمة على الصراع الذي يرتبط بعوامل التنافس التي تجد أصلها في الرغبات المتفاوتةفي تعلقها بنفس الأشياء التي هي موضوع للطلب من طرف الآخرين. ويتميز العنف فيالحياة الإنسانية بأنه يستند إلى آلية المُحاكاة التي تجعله عُنْفًا مُعْدِيًاقابلا للانتشار بشكل تلقائي، مما يُؤَدِّي إلى وجود أعمالِ عُنْفٍ يُمكن أن تتسلسلبلا نهاية على نحوٍ يُهَدِّدُ استمرار وبقاء النوع الإنساني. من هنا تأتي الطقوسالمتعلقة بـ"التضحية" (le sacrifice) كآلية لإيقاف دورة الانتقام في دُوَّامة العنف، حيث يتم نقلالعداء إلى ضحية واحدةٍ (كبش الفداء) تحمل كل الرغبات المتناقضة والمتنافسة لأعضاءالمجتمع. وهكذا يتم توجيه العنف إلى الضحية كتعويض عن العنف الذي يمكن أن يُوَجَّهإلى الآخرين، بحيث يتأتى التأسيس الاجتماعي للعنف المقدس كما عرفته كل المجتمعاتالإنسانية من خلال طقوس التضحية بـ"كبش الفداء".   
* تركيب واستنتاج
يحضر "العنف" في التاريخ الإنساني بأشكالمختلفة وبشكل قوي وبارز، مما يقود إلى اعتباره أحد المظاهر المُمَثِّلة للصيرورةالتاريخية على مُختلف مستوياتها. وإذا كانت المجتمعات الإنسانية شهدت ولا تزالمختلف أنواع الصراع العنيف، فإن تجليات "العنف" في التاريخ البشريمتعددة ومعقدة على نحو يجعلها موضوعا لتأويلات مختلفة تربطها بآليات التطورالتاريخي أو بآليات التفاعل الاجتماعي في علاقته باستعدادات الطبيعة البشريةوتحولات الوسط الطبيعي والثقافي حيث تتم فاعلية الإنسان.

3-العنف والمشروعية
* تحديد الإطار الإشكالي: ما علاقة "العنف"بكل من "الحق" و"القانون"؟ هل كل عنف يُعَدُّ، بالتحديد، غيرمشروع من الناحية الأخلاقية والقانونية أم أن هناكـ بعض أنواع "العنف"المقبولة والمشروعة اجتماعيا وقانونيا؟
* مفاصل المعالجة
إن قيام "المجتمع المدني" يستوجب تفويض أمراستعمال العنف للسلطة المشروعة كما تمثلها "الدولة". ولهذا يؤكد ماكسﭭـيبر أن "الدولة" لا يُمكنها أن تُوجَد إلا إذا خضع الناس للسلطة المشروعةكما تتجسد في التجمع السياسي الذي تُمثِّلُه والذي يجعلها تحتكر استعمال العنفالمشروع بمقتضى أنها مجموعةٌ من المؤسسات التي تقوم على "الشرعيةالقانونية" والتي تُوجِّهُها غاياتٌ تتمثل في ضمان "المصلحةالعامة" لمجموع أعضاء المجتمع. وبالتالي فإن "العنف" في إطارالمجتمعات الحديثة لا يكون مشروعا إلا انطلاقا من "الدولة" كمؤسسةسياسية وقانونية تضمن قيام المجتمع المدني والسياسي كتجمع يعمل على تنظيم أعضائهعلى نحو يجعلهم يقتنعون بأن من مصلحتهم نبذ العنف، حيث إن تَمَتُّعَهُم بكل حقوقهميقتضي بالأساس انخراطهم السِّلْمِي والمدني في إطار النمط الحديث لممارسة السلطةأو السيطرة الذي يقوم على "الشرعية القانونية" التي تضمن هي وحدهاالمساواة في الحقوق والواجبات بين كل المواطنين والتي تسمح بالتداول السلمي للسلطةوفق مجموعة من القواعد والإجراءات كما يتمثل ذلكـ في نموذج التنظيم الديموقراطيللمجتمع السياسي.    

وثمة من يذهب إلى حَدِّ اعتبار العنف غير مشروع بتاتا،سواء أتى من "الدولة" أو من "المجتمع المدني"، لأنه يقوم علىاستعمال القوة الذي لا يمكن تسويغه من الناحية الأخلاقية. فالإنسان، في نظر غاندي،"روحٌ" تسمو على "المادة" من حيث إنه كائن أخلاقي يسعى إلىالفضيلة ويتجنب الرذيلة. وتتمثل الفضيلة في الوقوف ضد الشر ليس بمواجهته عن طريقمقاومته بالقوة المادية وإنما بمقاومته بواسطة قوة روحية تتمثل في فعل ما هو خيرمن خلال تبني إرادة طيبة تجاه كل كائن حي بمحبته ومصادقته. فـ"اللَّاعُنف"يتحدد كغياب تام لكل إرادة سيئة تجاه الأحياء بدافع الحقد أو الكراهية، ومن ثم فهوليس نزوعا سلبيا أو استسلاميا، بل إنه سعي نحو المناهضة الأخلاقية للشر بكل مظاهرهمن دون إلحاق الأذى بواحد من الأحياء. ومن هنا فإن القوة الحقيقية تتمثل فيالتعامل الإيجابي مع الآخر من الأحياء وتجنب إيذائه أو إيلامه.     
* تركيب واستنتاج
يبدو أن ممارسة "العنف" في إطار المجتمعاتالحديثة أصبحت موكولة إلى "الدولة" التي صار من حقها هي وحدها أن تضطلعبمهام حفظ الأمن والسلم وحماية الحقوق بكل الوسائل الممكنة في إطار ما تسمح بهالشرعية القانونية. لكن تركيز "العنف" بين يدي "الدولة" لايعني، في الغالب، اجتثاثه من كل زوايا المجتمع المدني، حيث إنه يستمر بأشكالونِسَبٍ تكثر أو تقل حسب المجتمعات، وذلكـ إلى الحد الذي يؤدي إلى التشكيكـ فيجدوى مواجهة "العنف العشوائي" للخارجين على الشرعية بـ"العنف المشروع"لمؤسسة الدولة. فبدلا من تقليص "العنف" في المجتمعات بواسطة التنظيمالسياسي والقانوني، شهدنا على امتداد القرن العشرين حروبا عالمية وإقليمية طاحنةومدمرة، بل حتى على مستوى المجتمعات المتقدمة يُلاحَظ ازدياد مظاهر "العنف"على كل المستويات. وإذا كانت حركات اللاعنف والسلام تتوسع عبر بلدان العالم كنوعمن الحركات المضادة، فإن التجذر التاريخي والاجتماعي للعنف يجعل مثل هذه الحركاتضربا من الطوبى التي تُؤْمِن بأن "نسيم الحب يُمكن أن يطعن السيف بِوَرْدَةٍ"كما يقول الشاعر. لكن العنف المتجذر تاريخيا وثقافيا في كل المجتمعات يحتاج لا فقطإلى مقاومةٍ ماديةٍ ومعنوية، بل إلى تأسيس واقعي لآليات تصريف العنف سواء كانماديا أو رمزيا ومن دون الوقوع في وهم أن "العنف" يكفي لاستئصاله تأكيدعدم مشروعيته القانونية أو الأخلاقية، إذ لا عنف أشد من تَوَهُّم أن العنفيُعَدُّ، بالتحديد، غير إنساني وأنه لا يمكن أن يكون ثمة عنف أخلاقي علىالإطلاق.